فيليكس” بين الواقع والخيال

وكان الخطر الاكبر المحدق هو ان يفقد السيطرة ويبدأ بالدوران حول نفسه،ما يؤدي الى فقدانه وعيه.وشملت التمارين قفزتين، واحدة من ارتفاع 21800 متر، والثانية من ارتفاع 29600 متر.

و تكون فريق “رد بول ستراتوس ميشن” المنظم للقفزة من 100 شخص، هدفهم أن تساهم هذه القفزة في الابحاث الطبية في مجال الطيران وأن يستفيد منها رواد الفضاء و كل من يرغب في السياحة في الفضاء مستقبلا ولأغراض اعلانية ايضا فكل من شاهد الحدث عرف انه برعاية رد بول حيث تمكن الملايين من متابعة هذه القفزة التي بثها مباشرة موقع “رد بول ستراتوس ميشن” ونقلتها وسائل الاعلام، وذلك بفضل 35 كاميرا مثبتة على الارض وفي الجو، من بينها كاميرات مثبتة في سترة فيليكس.

وقد اضطر فيليكس بومغارتنر الى تأجيل قفزته ثلاث مرات خلال الاسبوع الماضي بسبب الاحوال الجوية، كان آخرها الثلاثاء بعد هبوب رياح عاتية و الاحد اقلع المنطاد بتأخير ثلاث ساعات عن الموحد المحدد، ايضا بسبب الاحوال الجوية.

ولزيادة فرص بقائه على قيد الحياة، صممت مظلة القفز لتفتح تلقائياً، في حال فقدانه الوعي أو فقدانه القدرة على تحريك يديه، كما وضع خوذة واقية للوجه صممت بنظام تسخين لضمان عدم حجب رؤيته مع بدء سقوطه من منطقة متجمدة.
وتزامنت هذه القفزة مع الذكرى الخامسة والستين لقيام الطيار الاميركي تشاك ييغر بخرق جدار الصوت للمرة الأولى على متن طائرة.

نجحت القفزة في تسجيل ثلاث ارقام قياسية حيث بلغت السرعة القصوى للمغامر النمساوي فيليكس خلال قفزته مساء الاحد 1342,2 كلم/ساعة , اي ما يوازي 1,24 مرة سرعة الصوت “القياسية”و وصل الى ارتفاع 39 الف متر و هو اقصى ارتفاع يبلغه انسان على متن منطاد بالاضافة الى الرقم القياسي في اعلى سقوط حر .

أين يبدأ الجدل ؟

1- هل صعد فيليكس الى الفضاء ؟

لا لم يصعد , صعد فيليكس الى ارتفاع يقارب الـ 39 كلم و الغلاف الجوي مكون من عدة طبقات اولها هي طبقه التروبوسفير ويبلغ سمكها بالمتوسط 18 كلم
وتليها طبقه الستراتوسفير “وهي التي قفز منها فيليكس” وتمتد الى ارتفاع 50 كلم فوق سطح البحر وتليها طبقة الميزوسفير وتمتد الى 80 كلم فوق سطح البحر و الاخيره هي الثيرموسفير وترتفع عن سطح البحر حوالي 500 – 700 كلم ويليها الفضاء الخارجي .

2- هل غير فيليكس أو حطم شيئا من قوانين الفيزياء ؟ مطلقا ,ففيليكس مغامر و ليس بعالم .
والهدف من الابحاث ليس تحطيم قوانين نيوتن ولا غيره .

4- هل وصل فيليكس الى سرعة الضوء ؟ لا , فسرعة الضوء تبلغ 299792458 م/ث أي ” 1079252848.8 كم/ساعة ”

5- هل اخترق فيليكس حاجز الصوت ؟ نعم , وصل فيليكس الى سرعة 1,24 ماخ

6- هل قفز من خارج حدود الجاذبية أو بدون تأثيرها ؟
لا مطلقا فقوة الجاذبية هي من سببت هبوطه وهو لم يتحرر منها ﻷنه لم يبتعد عن سطح اﻷرض اكثر من 39 كلم وهذه القوة هي التي تثبت القمر في مداره رغم كونه على بعد 384.400 كم من اﻷرض.

7– ما الذي انتشر حول نيوتن ؟
لتوضيح الامر يجب ان نعرف اولا أن سرعة الصوت في الهواء غير ثابته فهي تعتمد على كثافته ودرجة حرارته وتقل بنقصانهما وانتشرت مزاعم عدة حول نيوتن وهذا الحدث ,,, منها :

” أن سرعة اي شيء يسقط سقوطا حرا لا يمكن ان تتعدى سرعة الصوت و ذلك لوجود قوة مقاومة الهواء للجسم الساقط و التي تتناسب طرديا مع سرعة الجسم الساقط و عند مرحلة معينة من السقوط ستزيد قيمة قوة مقاومة الهواء الى ان تصل لقيمة مساوية لقوة جذب الارض للجسم الساقط و عندها ستثبت سرعة الجسم الساقط و تصل لما يسمى بالسرعة النهائية ” الحدية ” (terminal speed) . هذه السرعة حسبها العلماء و هي اقل من سرعة الصوت ”

هذا الامر صحيح تماما ولكن هذه النتائج حول اقصى سرعة حدية هي للأجسام التي تسقط بالقرب من سطح الارض وفي حالة فيليكس فقد ارتفع الى علو شاهق جدا تقل عنده قيمة ضغط الهواء وكثافته و بالتالي مقاومته للجسم الساقط ستكون صغيرة جدا ولن تصل لقيمة تعادل قيمة قوة جذب الأرض لهذا الجسم الا عند وصول الجسم لسرعات عالية جدا .
اي ان السرعة النهائية (terminal speed) ستكون اكبر من سرعة الصوت و هذا بالضبط ما تم مع فيلكس و لا يخالف قانون نيوتن من اي وجه.

” نيوتن لديه نظرية تقول ان الانسان لا يمكن ان يسبق الصوت ”
في حقيقة الامر ليس لنيوتن قانون خاص بجسم الانسان تحديدا. اما اذا كان المقصود قانون نيوتن في الهيدروديناميكا ” أثبت خلله لانه يعطي قوة مقاومة الموائع للاجسام التي تتحرك خلالها قيمة غير دقيقة في حالة الاجسام التي تتحرك بسرعة ”
. لكن هذه الحقيقة معروفة منذ بداية القرن العشرين عندما بدأ الأخوان رايت بالطيران و أثبت تجريبيا خطأ هذا القانون و من وقتها لم يعد يطبق هذا القانون الا في الحالات البسيطة المثالية التي يعطي لها تقريبا معقولا .

” نيوتن له نظرية تقول ان جسم الانسان يتحول لأشلاء اذا تجاوز سرعة الصوت ”
لم اسمع بها من قبل ورغم اي شيء فهي منطقية نوعا ما , فلو افترضنا من باب الخيال ان فيليكس قفز بدون بذلته المكونة من 4 طبقات و معدة مسبقا لحمايته لمات من فوره بمجرد فتح باب الكبسولة بسبب الانخفاض الكبير في الضغط الجوي , كما ان درجات الحرارة و منسوب الاوكسجين منخفض جدا و مع استمراره بالسقوط سيتحطم الى اشلاء لان جسمه لن يتمكن من الصمود لوحده امام قوة مقاومة الهواء و اختراقه لحاجز الصوت .

نحن شهدنا لحظة تاريخية حقا فقفزة فيليكس انجاز عظيم و له منافع علمية مهمة ستعطي العلماء معلومات هامة عن مفهوم السترة الفضائية المستقبلية لحماية الانسان الساقط من ارتفاعات عالية٬ و الذي قد يتجاوز سرعة الصوت خلال سقوطه ٬مما قد ينقذ مستقبلا رواد فضاء او طيارين او حتى ركاب طائرات مستقبلية من الموت المحقق في حالة حدوث خلل في مركبتهم و اضطرارهم لإخلائها و السقوط من هذه الارتفاعات. مثل حالات اطلاق المقعد التي يقوم بها الطيارون الحربيون عند تعرض طائراتهم للسقوط.

كما لزم في هذه العملية تصنيع الكبسولة و البراشوت الخاص والكثير من الابتكارات التقنية الهامة في مجال تصنيع معدات قد تساعد في سفر الانسان على ارتفاعات فوق مستوى الغلاف الجوي و زيارته او عيشه في محطات فضائية .