انشقاقات في صفوف حزب البعث الحاكم في سوريا
عرب توب – رويترز – يواجه الرئيس السوري بشار الاسد انشقاقا نادر الحدوث داخل حزب البعث الحاكم كما ظهرت علامات على استياء في الجيش بسبب حملة قمع عنيفة لاحتجاجات مطالبة بالديمقراطية قالت جماعة حقوقية يوم الخميس إنها أسفرت عن سقوط 500 قتيل.
واستقال 200 من اعضاء حزب البعث في جنوب سوريا بعد ان ارسلت حكومة دمشق الدبابات لقمع الاحتجاجات في مدينة درعا التي اندلعت فيها انتفاضة ضد حكم الاسد قبل ستة أسابيع.
وقال دبلوماسيون ان هناك بوادر استياء داخل الجيش وغالبيته من السنة في حين ان معظم قياداته من الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد.
ويقول حزب البعث ان عدد أعضائه يتجاوز المليون مما يجعل استقالات الاربعاء رمزية اكثر من كونها تحديا حقيقيا لحكم الاسد المستمر منذ 11 عاما.
واستقالة أعضاء حزب البعث الى جانب نائبين بالبرلمان من درعا هي شيء لم يكن متصورا حدوثه قبل اندلاع المظاهرات المطالبة بالديمقراطية الشهر الماضي.
ودعت جماعة الاخوان المسلمين السورية المحظورة في بيان يوم الخميس السوريين الى الخروج الى الشوارع في احتجاجات للمطالبة بالحرية بينما قالت وزارة الداخلية انه يجب على المواطنين ألا يتظاهروا بدون ترخيص وذلك من اجل حماية “أمن واستقرار الوطن.”
وقال بيان الاخوان المسلمين الذي ارسل الى رويترز “لا تتركوا النظام ينفرد ببعض أهليكم. اهتفوا بصوت واحد للحرية وللكرامة.. لقد خلقكم الله أحرارا.. فلا تسمحوا لطاغية ولا لجبار عنيد أن يستعبدكم… والله أكبر ولله الحمد.”
واضاف البيان قائلا “نكرر النداء على رجال الجيش العربي السوري.. أفرادا وصف ضباط وضباطا وقيادات.. مؤكدين أن دور الجيش هو الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين. ونصر على ابقاء مؤسسة الجيش في اطار وقارها ومهمتها الوطنية الاساسية.. والامتناع عن الزج بها كعامل قمع للارادة الوطنية المتطلعة الى الحرية والكرامة.”
“ندعو كافة البعثيين الشرفاء.. وجميع الذين يشغلون مواقع المسؤولية في بنية النظام.. وفي سلطات الدولة الثلاث -القضائية والتشريعية والتنفيذية- وكذا كل المنخرطين في أجهزة الدولة على المستويين الرسمي والشعبي.. الى موقف وطني مماثل يقرع ناقوس الخطر.. ويشارك في وضع حد لغطرسة أجهزة الامن.. التي ما تزال ترتكب الفظائع في حق المواطنين الابرياء.”
وهذه هي المرة الاولى التي توجه فيها الجماعة -التي توجد قيادتها في المنفى- دعوة مباشرة الي مظاهرات في سوريا منذ بدء الاحتجاجات ضد حكم الاسد السلطوي قبل ستة اسابيع.
وتصاعدت الانتقادات للاسد منذ ان قتل 100 شخص في احتجاجات يوم الجمعة ودخلت الدبابات درعا. وتقول الولايات المتحدة انها تبحث تشديد العقوبات على سوريا كما تبحث الحكومات الاوروبية القضية يوم الجمعة.
ودعا وزير الخارجية الاسترالي كيفين رود يوم الخميس الى فرض عقوبات دولية على سوريا بسبب اجراءاتها الامنية القاسية ضد المحتجين وقال ان على الامم المتحدة ان ترسل مبعوثا خاصا الى سوريا للتحقيق في أعمال القتل.
لكن روسيا والصين ولبنان عرقلوا محاولة أوروبية لاستصدار قرار من مجلس الامن الدولي يدين الحملة. وقالت الصين يوم الخميس ان على سوريا أن تحل مشاكلها من خلال الحوار في حين دعت روسيا الحكومة السورية لتقديم المسؤولين عن القتل للعدالة.
وقال دبلوماسي انه توجد واقعة واحدة على الاقل هذا الشهر تصدى فيها جنود من الجيش السوري للشرطة السرية لمنعها من اطلاق النار على المتظاهرين.
وأضاف قائلا “لا أحد يقول ان الاسد على وشك ان يفقد السيطرة على الجيش لكن ما ان تبدأ في استخدام الجيش لذبح شعبك فهذه علامة ضعف.”
وقال دبلوماسي اخر “أكبر الجنازات في سوريا حتى الان كانت لجنود رفضوا اطاعة أوامر لاطلاق النار على المحتجين وعوقبوا في الحال بإعدامهم في الموقع.”
وأنحت سوريا باللائمة على جماعات اسلامية مسلحة في أعمال القتل واتهمت ساسة في لبنان المجاور باذكاء العنف وهو اتهام نفوه.
وقال شهود ان حوالي 1500 امرأة وطفل سوريين عبروا الحدود الشمالية الى لبنان يوم الخميس هربا من اطلاق النار في بلدة تلكلخ الحدودية السورية. ولم يتضح بعد عدد من أصيبوا في الاشتباك لكن قوات الامن اللبنانية قالت ان الجيش كثف دورياته بالمنطقة.
وطردت سوريا معظم المراسلين الاجانب مما يجعل التحقق من الوضع على الارض صعبا.
وتقول سوريا ان عشرات من جنود الجيش والشرطة قتلوا في الاضطرابات وبث التلفزيون الحكومي الكثير من الجنازات لكن دبلوماسيين يقولون ان بعضهم قتل على أيدي قوات الاسد.
وأرسل الاسد الى درعا يوم الاثنين الفرقة الميكانيكية الرابعة التي تدين له بالولاء ويقودها شقيقه ماهر. وأفادت تقارير لم يتسن التأكد من صحتها أوردتها بعض شخصيات المعارضة وبعض سكان درعا بأن بعض الجنود من وحدة أخرى رفضوا اطلاق النار على المدنيين.
ونفت الوكالة العربية السورية للانباء تلك التقارير.
وقال سكان ان أصوات اطلاق النار ترددت في درعا خلال الليل وان المياه والكهرباء والاتصالات ما زالت مقطوعة عن المدينة كما ان الامدادات الاساسية بدأت تنفد.
وقال نشطاء حقوقيون ان اطلاق نار واعتقالات وقعت يوم الخميس في الزبداني على بعد نحو 35 كيلومترا جنوب غربي العاصمة دمشق. وقالت المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) يوم الخميس ان عدد القتلى في ستة أسابيع من الاحتجاجات ارتفع الى 500 على الاقل.
وقالت سواسية في بيان “نناشد الدول المتحضرة التحرك الفوري لردع النظام السوري واجباره على الكف عن القتل والتعذيب والاعتقال وعمليات الحصار. ويأتي الهجوم العسكري على درعا وحملة الاعتقالات بينما يستمر النظام السوري بعمليات القتل المنظمة ضد شعبه التي أدت الى مقتل 500 مدني على الاقل.”
وأضاف البيان أن “قصف الاحياء المدنية يعتبر حسب القانون جريمة ضد الانسانية.”
والتقى رئيس المخابرات التركية بالرئيس الاسد يوم الخميس ضمن وفد ارسلته تركيا الى دمشق لبحث إصلاحات من شأنها ان تساعد على انهاء الانتفاضة الشعبية. وألغى الاسد قبل اسبوع حالة الطواريء التي استمرت مفروضة على سوريا لمدة 48 عاما لكن شخصيات معارضة بارزة قالت ان مقتل 100 شخص في احتجاجات في اليوم التالي جعل تلك الخطوة موضع سخرية.
وتحكم أسرة الاسد سوريا منذ تولى الرئيس الراحل حافظ الاسد -والد بشار- السلطة في أعقاب انقلاب في 1970 . وأبقى بشار النظام السياسي الشمولي الذي ورثه في عام 2000 في حين وسعت الاسرة نطاق سيطرتها على اقتصاد البلاد المنهك.
وجاء قرار الرئيس السوري اجتياح درعا ليعيد الى الاذهان قرار والده في عام 1982 حين اجتاح مدينة حماة لقمع انتفاضة قادها الاخوان المسلمون. وقتل في الحملة ما بين 10 الاف و30 ألف شخص دون اعتراض يذكر من المجتمع الدولي