جدد العقيد معمر القذافي تمسكه بالقتال “حتى آخر رجل” تجاه ما أسماها مؤامرة للسيطرة على النفط الليبي والأرض الليبية نافيا أن يكون لديه منصب كي يستقيل منه، كما نفى خروج مظاهرات سلمية ضده في أنحاء ليبيا أو وجود معتقلين سياسيين، وألقى بمسؤولية ما يحدث على ما أسماها خلايا نائمة للقاعدة ودعا لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية.
وحذر القذافي -في كلمة اليوم أمام احتفال أقيم بقاعة مغلقة بالعاصمة طرابلس بمناسبة الذكرى الـ34 لإعلان قيام ما يسمى “سلطة الشعب” عام 1977- من إراقة الكثير من الدماء إذا حدث تدخل أميركي أو من جانب قوى أجنبية.
وقال إن الليبيين لن يقبلوا أن يكونوا عبيدا “وسيخوضون حربا دامية سيموت فيها آلاف مؤلفة من الليبيين إذا دخلت الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي” البلاد.
كما كرر القذافي في الاحتفال –الذي حضره دبلوماسيون أجانب- ما قاله في كلمة سابقة أنه لا يتقلد أي منصب رسمي أو سلطة ليتخلى عنها، واعتبر نفسه مجرد مرجعية ورمز يستأنس به الشعب.
وقال القذافي إن ضباط الثورة لم تعد لهم “أية صلة بالسلطة في ليبيا على الإطلاق” بعد أن حرروا الشعب من الرجعية والاستعمار.
وأصبح الشعب -حسب القذافي- منذ ذلك الحين المسؤول عن السلطة في ليبيا “فليس النظام في ليبيا نظام حكومي أو طبقي. ونتحدى أي شخص يزعم غير ذلك. نتحداه ونطلب منه القدوم لليبيا ومعرفة الحقيقة من شعبها مباشرة”.
وأشار إلى أن ما أسماها سلطة الشعب المتمثلة بالمؤتمر الشعبي العام واللجان الشعبية يطلبون منه أحيانا التدخل باستخدام ما وصفه بنفوذه الأدبي وشرعيته الثورية لتشجيع الشعب على ممارسة السلطة.
وأبدى القذافي في نفس الوقت استعداده لمناقشة تغييرات دستورية وقانونية لكن دون أعمال عنف.
نفي واتهام واستعداد
ونفى القذافي وجود أي مظاهرات في بلاده قائلا إن الشعب كله يؤيده، وعزا ما يحدث في ليبيا إلى ما وصفها بخلايا نائمة من تنظيم القاعدة تسللت إلى الأراضي الليبية وهاجمت الكتائب الأمنية وسيطرت على بعض المدن، لكنه بنفس الوقت أعرب عن استعداده للحوار مع أي شخص من القاعدة، مستدركا “لكن القاعدة لا تناقش ولا مطالب لها”.
وأضاف “من ينظر للمظهر في ليبيا يفهم أن المحتجين يريدون من القذافي التنحي، عما يتنحى القذافي؟ هناك خلايا صغيرة نائمة تابعة للقاعدة تسلمت أوامر من الخارج تدريجيا، هناك بعض الليبيين يعيشون في الخارج، في أفغانستان وفي العراق”.
وتابع “بعض أعضاء هذه الخلايا ليسوا ليبيين. وخرجوا فجأة وخانوا العهد، وهذه الخلايا نائمة في مجموعات صغيرة جدا. مجموعة في بنغازي وأخرى في الزاوية، تسلل بعضهم من الخارج واستكانوا في هذه المناطق على شكل خلايا نائمة”.
وأوضح أن “الإرهابيين استولوا على مخازن الأسلحة. ليس هناك أي مظاهرة انطلقت أبدا لا في بنغازي ولا البيضاء وليس هناك أي مظاهرات. فجأة، جاءت جماعات من تحت الأرض ومن تحت الثكنات وأصبحت تقتل في الناس. نترحم على أولادنا الذين قتلوا والأولاد الذين غرر بهم”.
مطالب بالتحقيق
وتساءل “كيف يصدر مجلس الأمن والأمم المتحدة قرارات بناء على تقارير وكالات أنباء؟”، مشككا بعدد القتلى المعلن عنه، مشيرا إلى أن القتلى في ما بين 150 ومائتين نصفهم من رجال الأمن والآخرون من المسلحين “الإرهابيين”، لكن العدد وفق تلك الوكالات وصلت إلى آلاف.
وفي هذا السياق دعا القذافي الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي لإرسال لجنة تقصي حقائق للتحقيق في حقيقة ما حدث في ليبيا، مشيرا إلى أن معظم القتلى في مدينتي بنغازي والبيضاء من رجال الأمن قتلوا أمام مقار كتائبهم بعد هجوم من أسماهم العصابات المسلحة.
ورغم ذلك قال القذافي إن نظامه لم يقرر بعد قتال من أسماهم العصابات المسلحة رغم سيطرتهم على مدن مثل بنغازي ودرنة والبيضاء، مشيرا إلى أن أهالي تلك المدن يتعرضون لحظر تجول من قبل هؤلاء المسلحين.
تبرير الانضمام
كما أن انضمام قادة في الجيش ودبلوماسيين في الخارج ناتج عن تهديد هؤلاء من قبل المسلحين بالاعتداء على نسائهم وفق ما قال القذافي.
واعتبر القذافي أن المجموعات المسلحة محاصرة في أماكنها، ويمكن القضاء عليها، مستشهدا بما فعله الجيش الإسرائيلي في غزة بقوله إنه يقاتل مسلحين، أو قتل حلف الأطلسي لمائة شخص في أفغانستان بوصفهم مسلحين، معتبرا أن قتل المسلحين مباح إذا قرر قتالهم.
وكان الاحتفال بذكرى “تسليم السلطة للشعب” قد بدأ بالنشيد الوطني لليبيا وحاول القذافي مرارا تأخير كلمته عدة دقائق لإعطاء الفرصة للهتافات المؤيدة له للظهور، وسمعت توجيهاته المتكررة لمساعديه بتركيز أضواء الكاميرات على أصحاب هذه الهتافات قبل أن يسود الصمت ويبدأ كلمته في الاحتفال.