كورونا وأعمال التوسعة يخفضان أعداد الحجاج والمعتمرين في السعودية
جدة، – عرب توب – مصطفى العديلي: دفعت المخاوف من انتشار فيروس كورونا بين المعتمرين والحجاج في السعودية واعمال التوسعة الضخمة القائمة في الحرمين المكي والنبوي السلطات السعودية إلى فرض قيود على الحج إلى مكة المكرمة التي يزورها ملايين المسلمين من جميع انحاء العالم.
وحضت الوزارة السبت الماضي كبار السن والمصابين بامراض مزمنة على تجنب اداء مناسك العمرة والحج في إطار الاجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا الذي ادى إلى وفاة 38 شخصا واصابة 65 اخرين في المملكة منذ سبتمبر الماضي. ووضعت شروطا تتضمن «التوصية بتأجيل مناسك العمرة والحج لكبار السن والمصابين بالامراض المزمنة خصوصا». وسرعان ما استجابت السلطات الصحية في فرنسا لهذا الامر.
واكدت المديرية العامة للصحة الثلاثاء الماضي في رسالة عاجلة وجهتها إلى الهيئات الطبية المعنية ان وزارة الصحة السعودية «اتخذت قرارا يقيد الحصول على تاشيرة بغرض الحج والعمرة». واضافت ان «كبار السن (من دون تحديد العمر) والحوامل والاطفال والمصابين بامراض مزمنة وخصوصا القلب والسكري او الذين يعانون من مشاكل في التنفس او الكلى وضعف المناعة لا يستطيعون الحصول على تاشيرة هذ السنة».
واشارت إلى ان ابلاغها بقرار المنع تم «عبر قنوات دبلوماسية». ومع ذلك، قال زياد ميمش وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي لوكالة فرانس برس «لم نتخذ اي احترازات وخاصة بفيروس كورونا في المطارات. حتى الان منظمة الصحة العالمية لم توص باي اجراءات وخاصة في مداخل الدول». لكنه أكد «استمرار الرصد الوبائي للاشخاص القادمين للحج».
وردا على سؤال حول فحوصات طبية وخاصة بمواطني دول ينتشر فيها كورونا، اجاب ميمش «لا يوجد حتى الان. نتبع اشتراطات منظمة الصحة العالمية، واذا كانت هناك اشتراطات جديدة سنستخدمها». كما تضمنت اشتراطات الوزارة «مجموعة من النصائح والارشادات الصحية التوعوية للمواطنين والمقيمين والمعتمرين والحجاج» واكدت «اهمية التطعيم ضد الانفلونزا» وخصوصا المصابين بأمراض مزمنة.
ومعظم الاصابات بهذا الفيروس القريب من الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) قد سجلت في السعودية، وخصوصا في منطقة الاحساء. كما سجلت حالات اخرى في قطر والاردن وتونس والامارات العربية المتحدة والمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا. وقبل عشرة اعوام، تسبب فيروس سارس الذي انطلق من الصين، بوفاة اكثر من 800 شخص واثار القلق في العالم. لكن الفيروس الجديد مختلف عن سارس وخصوصا لانه يؤدي بسرعة إلى اصابة المريض بالفشل الكلوي.
من جهتها، تترك اعمال التوسعة في الحرمين المكي والنبوي التي تبلغ كلفتها مليارات الدولارات اثرها الكبير ايضا على اعداد المعتمرين والحجاج. وقال سعد القرشي عضو مجلس ادارة غرفة تجارة مكة لفرانس برس «تم السماح للشركات والمؤسسات بنصف مليون معتمر من جميع انحاء العالم خلال رمضان» حيث ترتفع وتيرة المشاركة في العشر الاواخر خصوصا.وأضاف أن «اعداد المعتمرين في رمضان الماضي قاربت المليون شخص، اي ان نسبة الانخفاض تبلغ خمسين في المائة تقريبا».
وتوقع القرشي ان «تصل خسائر الشركات والفنادق والنقل إلى 450 مليون ريال (120 مليون دولار) خلال رمضان» الحالي جراء خفض اعداد المعتمرين. لكنه اوضح ان هناك توازنا في اعداد المعتمرين طوال العام باستثناء رمضان «فقد وصلت اعداد كبيرة منهم طوال الاشهر الاخرى واذا حسبنا الاجمالي فسنجد انها مثل العام الماضي».
وهذا ما اكده الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز امير منطقة مكة ورئيس لجنة الحج المركزية، الذي قال إن «عدد المعتمرين بلغ حوالي خمسة ملايين معتمر» منذ انتهاء موسم الحج الماضي. وأضاف أن «عدد المتواجدين منهم حاليا في مكة المكرمة والمدينة المنورة يبلغ حوالى 400 الف».
ومن تأثيرات اعمال التوسعة وكورونا تراجعت الحجوزات في الفنادق الفخمة المطلة على الحرم المكي. وافادت تقارير اعلامية ان كلفة الاقامة في العشر الاواخر من رمضان في جناح فندق عالمي فخم انخفضت إلى 70 الف ريال (18,7 الف دولار) لشهر رمضان كاملا بدلا من 180 الف ريال (48 الف دولار)، اي بتراجع نسبته 61 في المائة.
من جهتها، دعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام المواطنين والمقيمين إلى «تاجيل اداء مناسك العمرة لسلامة الطائفين». واضافت عبر رسائل نصية ان «تاجيلك مناسك العمرة دليل اهتمامك بسلامة اخوانك الطائفين وتفهمك جوهر مصلحة المسلمين». وكانت السلطات اعلنت في يونيو الماضي خفض عدد الحجاج المسموح لهم باداء الفريضة هذه السنة بسبب اعمال التوسعة.
وقال وزير الحج بندر الحجار ان عدد حجيج الخارج سيتم تخفيضه بنسبة عشرين في المائة ومن داخل المملكة بنسبة خمسين في المئة. وكان 3,1 ملايين شخص ادوا فريضة الحج العام الماضي غالبيتهم من خارج المملكة.
وستضيف اعمال التوسعة 400 الف متر من المساحات وسترفع القدرة الاستيعابية للحرم المكي إلى 2,2 مليون شخص في الوقت ذاته.وتصل القدرة الاستيعابية للحرم حاليا إلى 1,5 مليون شخص.
والحصة المخصصة لكل بلد مسلم محددة عموما بالف حاج لكل مليون نسمة من السكان.
وفي هذا السياق، دعت الامانة العامة لمنظمة التعاون الاسلامي الدول الاعضاء إلى الاستجابة لمطلب السعودية بتقليص اعداد الحجاج مشيرة إلى ان قرار التقليص «سيكون مؤقتا لحين الانتهاء من التوسعة».